معركة حياة أو موت.. السلحفاة في نيجيريا بـ60 دولارًا

على طول السواحل النيجيرية، تخوض السلاحف البحرية معركة صامتة ضد أخطر تهديدين يواجهان حياتها: التلوث البلاستيكي والصيد الجائر.
هذه الكائنات المهددة بالانقراض، التي كانت تشكّل جزءاً أصيلاً من النظام البيئي البحري، تواجه اليوم خطر الانقراض ما لم تُبذل جهود عاجلة لحمايتها.
تشينيدو موغبو، مؤسس مبادرة Greenfingers Wildlife Conservation Initiative، يصف الوضع بالحرج، وفق رويترز.
فمن خلال مبادرته، تمكن مع فريقه من إنقاذ أكثر من 70 سلحفاة خلال السنوات الخمس الماضية، عالجها في ملجأ خاص بالسلاحف في مدينة لاغوس قبل أن يعيد إطلاقها في البحر.
يقول موغبو: “نشهد تراجعاً حاداً في أعداد السلاحف البحرية. إنها كائنات لا تملك وسيلة للدفاع عن نفسها أمام التلوث والصيد العشوائي، ومن واجبنا التدخل”.
تمويل ذاتي
في مياه نيجيريا تعيش خمسة أنواع من السلاحف البحرية المهددة بالانقراض، من بينها سلحفاة أوليف ريدلي وهاوكس بيل وليذرباك.
لكن تحديد أعدادها بدقة يظل أمراً صعباً، في ظل ضعف الموارد المخصصة للرصد وغياب برامج حكومية قوية لمتابعة وضعها.
ورغم اعتمادها على التمويل الذاتي، تحاول مبادرة “غرين فينغرز” إشراك المجتمعات المحلية في جهود الإنقاذ.
فقد ابتكر الفريق وسيلة عملية للتعاون مع الصيادين، عبر تقديم أدوات لإصلاح الشباك مقابل إنقاذ السلاحف العالقة أو حماية أعشاشها على الشواطئ.
“الصيادون يبحثون عن دخل، ونحن نحاول أن نقدم لهم بديلاً عملياً يحافظ على أرزاقهم وفي الوقت نفسه يحمي هذه الكائنات”، يوضح موغبو.
لكن هذه الجهود تواجه تحديات جسيمة. فمع غياب مناطق بحرية محمية وتراجع أماكن التعشيش الطبيعية بسبب التوسع العمراني، أصبحت السواحل “فخاً” قاتلاً للسلاحف، على حد تعبير موغبو، الذي يطالب السلطات النيجيرية بالتحرك لحماية هذه الثروة البيئية.
ويضاف إلى ذلك بعدٌ اجتماعي وثقافي يزيد الأمر تعقيداً. فالسلاحف وبيضها لا تُعتبر مجرد مصدر غذاء في بعض المناطق، بل لها استخدامات في طقوس تقليدية.
ثمن السلحفاة
تقول موريفات حسن، بائعة سمك في منطقة فولو الساحلية: “نحن نأكل بيضها وأحياناً نقدمه لشيوخ القرية من أجل طقوس الفودو”.
وتشير إلى أن السلحفاة الواحدة قد تباع بما يصل إلى 90 ألف نايرا (نحو 60 دولاراً)، وهو مبلغ مغرٍ لسكان يعتمدون على البحر كمصدر رزق أساسي.
ورغم هذه التحديات، تسجل قصص النجاح حضورها من وقت لآخر.
ففي يوليو الماضي، أنقذ فريق المبادرة سلحفاة خضراء ضخمة كانت قد علقت في شبكة صيد وأصيبت بجروح بالغة. أطلقوا عليها اسم “مروف”، وبعد مفاوضات مع الصيادين، تمكنوا من إنقاذها من البيع والذبح.
“عادة ما كان يتم ذبح هذه السلحفاة أو بيعها، لكننا تدخّلنا وسنضمن عودتها بأمان إلى البحر”، قال موغبو وهو يقف على الشاطئ بجوارها.
قصص مثل “مروف” تمنح الأمل، لكنها تظل استثناءً في مواجهة واقع قاتم. فبدون تدخل حكومي قوي، وتعاون أكبر من المجتمع الدولي، قد تجد نيجيريا نفسها قريباً بلا سلاحف بحرية تزين سواحلها.