اعترافات غربية بالدولة الفلسطينية.. ونتنياهو يهدد بمحاربتهم

أعلنت بريطانيا وكندا وأستراليا اليوم الأحد الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن بلاده ستحارب دعوات إقامة دولة فلسطينية لأنها تهدد وجود إسرائيل.
اعتراف رسمي
وفي كلمة مصورة، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر “اليوم، لإحياء الأمل بالسلام للفلسطينيين والإسرائيليين، وحل الدولتين، تعلن المملكة المتحدة رسميًا الاعتراف بدولة فلسطين”.
كذلك أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن بلاده اعترفت بدولة فلسطينية، وقال إن “إسرائيل تعمل بشكل ممنهج لمنع قيام دولة فلسطينية.
كذلك اعترفت أستراليا اليوم بدولة فلسطينية، وقالت إن ذلك يأتي في إطار الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق حل الدولتين، وأضافت أن إقامة علاقات دبلوماسية وفتح سفارات مع فلسطين يعتمد على مدى التزام السلطة الفلسطينية بتحقيق إصلاحات.
وكانت البرتغال أعلنت أيضًا أنها ستعترف رسميًا اليوم بدولة فلسطين، وكانت لشبونة قالت في يوليو الماضي إنها تخطط للقيام بهذه الخطوة بالنظر إلى ما وصفته بـ”التطور المقلق جدًا للنزاع.
تهديد إسرائيلي
ويهدد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بفرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة حال تم الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية. وهاجم ساعر السلطة الفلسطينية وزعم أنها “تشجع الإرهاب، ولا تستحق دولة”.
من جهته، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم أن بلاده ستحارب دعوات إقامة دولة فلسطينية لأنها تهدد وجود إسرائيل، على حد قوله.
وأضاف نتنياهو خلال اجتماع لحكومته “سيتعين علينا خوض المعركة سواء في الأمم المتحدة أو في كل الساحات الأخرى ضد التضليل المنهجي ضدنا، وضد الدعوات لإقامة دولة فلسطينية والتي من شأنها أن تعرض وجودنا للخطر، وستكون بمثابة جائزة عبثية للإرهاب”.
ويُتوقع أن تعترف نحو عشر دول رسميًا بدولة فلسطينية غدًا الاثنين في قمة تسبق الاجتماع السنوي لزعماء الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
واقع الدولة الفلسطينية اليوم
رغم إعلان منظمة التحرير الفلسطينية قيام الدولة الفلسطينية عام 1988، ورغم اعتراف 147 دولة عضو في الأمم المتحدة بها حتى الآن، فإن هذا الإعلان ظل في إطار رمزي إلى حد كبير.
الفلسطينيون يتمتعون حاليًا بصفة مراقب في الأمم المتحدة دون حق التصويت.
بينما تظل العضوية الكاملة مرهونة بموافقة مجلس الأمن، حيث تمتلك الولايات المتحدة حق النقض.
تمثل السلطة الفلسطينية المظلة الرسمية للدبلوماسية الفلسطينية حول العالم، وتمارس حكمًا ذاتيًا محدودًا في أجزاء من الضفة الغربية.
لكنها تفتقد السيطرة على المعابر والحدود، فيما يسيطر الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل على المداخل والمخارج، سواء للضفة أو غزة.
وفي غزة، التي تخضع لحكم حركة حماس منذ 2007، يزداد المشهد تعقيدًا بفعل الحصار المستمر والتوترات السياسية.
دوافع الدول الغربية
الاعتراف من جانب قوى غربية كبرى يأتي فيما الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب حربها في غزة وسياسة التوسع الاستيطاني في الضفة.
هذه الدول ترى أن الاعتراف بفلسطين يمكن أن يضغط على الحكومة الإسرائيلية لإعادة الانخراط في مسار تفاوضي يفضي إلى حل الدولتين.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان أول زعيم غربي بارز يعلن دعمه لهذه الخطوة، ربطها بضرورة تنفيذ إصلاحات داخل السلطة الفلسطينية.
وذلك لتعزيز الحكم الرشيد، بما يمنحها شرعية أقوى كشريك محتمل في إدارة غزة بعد الحرب.
الاعتراف بين الرمزية والتأثير الفعلي
التجارب السابقة تُظهر أن الاعتراف الدولي لا يغير الكثير على أرض الواقع ما لم يقترن بإجراءات عملية.
فالدول التي اعترفت بفلسطين منذ عقود مثل الصين وروسيا ومعظم الدول العربية لم تتمكن من ترجمة هذا الاعتراف إلى مكاسب ملموسة للفلسطينيين.
القيود الإسرائيلية على حركة الأفراد والبضائع، وغياب البنية التحتية المستقلة مثل المطارات والموانئ، تجعل من الصعب على السلطة الفلسطينية ممارسة سيادة حقيقية.
ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن الاعتراف الغربي قد يمنح الفلسطينيين دفعة سياسية ومعنوية كبيرة، ويعيد صياغة علاقاتهم مع دول كبرى على أسس أكثر مساواة.
السفير الفلسطيني في لندن، حسام زملط، اعتبر الخطوة بمثابة انتقال نحو “شراكات على قدم المساواة”.
فيما أشار دبلوماسيون بريطانيون سابقون إلى أن الاعتراف قد يدفع لندن إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة، مثل حظر منتجات المستوطنات، حتى وإن كان الأثر الاقتصادي المباشر محدودًا.
الموقف الإسرائيلي والأمريكي
إسرائيل، التي تواجه ضغوطًا غير مسبوقة بسبب تداعيات حرب غزة، ترفض هذه الخطوة وتعتبرها “مكافأة لحماس” على هجمات أكتوبر 2023.
حكومة بنيامين نتنياهو، التي توصف بأنها الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل، تعلن صراحة أنها لن تسمح بقيام دولة فلسطينية مستقلة.
أما الولايات المتحدة، الحليف الأوثق لإسرائيل، فتعترض بشدة على توجهات حلفائها الأوروبيين.
واشنطن ذهبت إلى حد فرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين، ومنع الرئيس محمود عباس وعدد من قيادات السلطة من الحصول على تأشيرات لحضور اجتماعات الأمم المتحدة.