Ig Nobel.. أغرب جوائز في العالم

في قاعة مزدحمة بالضحك والتصفيق بجامعة بوسطن، اجتمع علماء من مختلف أنحاء العالم مساء الخميس الماضي للاحتفال بالنسخة الخامسة والثلاثين من جوائز Ig Nobel.
هذه الجوائز غير التقليدية تمنح تكريمًا للأبحاث التي قد تبدو غريبة أو مضحكة في ظاهرها، لكنها تفتح بابًا للتفكير في جدوى العلم وحدوده.
أحد أبرز الفائزين هذا العام كان فريقًا يابانيًا تساءل ببساطة: ماذا لو قمنا برسم خطوط تشبه الحمار الوحشي على الأبقار؟ هل يقل عدد لسعات الذباب؟
التجربة التي قادها الباحث توموكي كوجيما أثبتت أن الفكرة ليست عبثية كما تبدو.
بعد طلاء الأبقار بخطوط بيضاء، لوحظ أن عدد الذباب الذي يحوم حولها انخفض بشكل واضح، وأن الحيوانات بدت أكثر راحة.
لكن كوجيما نفسه أقر بأن تعميم هذه الطريقة على نطاق واسع قد يكون صعبًا، نظرًا لمتطلبات الوقت والموارد.
الجوائز التي تنظمها سنويًا مجلة Annals of Improbable Research صممت لتُضحك الناس أولًا، ثم تدفعهم للتفكير.
وكما قال منظم الحفل مارك أبراهامز: “كل اكتشاف عظيم بدا في البداية سخيفًا أو غريبًا، وكذلك الاكتشافات عديمة الفائدة. نحن نحتفل بكليهما”.
طقوس حفل جوائز Ig Nobel
الحفل بدأ بطقس تقليدي طريف: إلقاء الطائرات الورقية الصغيرة على خشبة المسرح.
وفي غياب بعض الفائزين، تمت قراءة كلماتهم عبر نخبة من الحائزين على جائزة نوبل الحقيقية، مثل إستير دوفلو.
ولأن موضوع العام كان “الهضم”، قُدم عرض أوبرا مصغر عن أطباء الجهاز الهضمي ومرضاهم، تناول معاناة المعدة مع البيتزا والهوت دوج بطريقة ساخرة.
لم تتوقف غرابة الأبحاث عند الأبقار المخططة. فريق أوروبي نال جائزة عن دراسة تأثير تناول الكحول على قدرة الشخص على التحدث بلغة أجنبية.
والنتيجة أن الكحول قد يمنح شجاعة مؤقتة تعزز الطلاقة، وإن كان أثره قصير المدى.
في المقابل، كرس باحث آخر عقودًا كاملة لدراسة نمو الأظافر، ليحصل هو الآخر على التكريم.
من بين الدراسات اللافتة أيضًا، تجربة حول تأثير رائحة الأحذية الكريهة على تجربة استخدام رف الأحذية، وأخرى حول احتمالية أن يساعد تناول مادة التفلون على زيادة حجم الطعام.
كما بحثت مجموعة دولية فيما إذا كان الكحول يضعف قدرة الخفافيش على الطيران. النتيجة أن الخفافيش المخمورة لم تختلف كثيرًا عن البشر: بطء في الحركة واضطراب في التوجيه.
ولأن الطعام كان حاضرًا بقوة، كان هناك فريق أوروبي درس فيزياء صلصة الباستا. أحد الباحثين ارتدى زي طاهٍ بشارب مزيف، بينما تنكر آخر في هيئة كرة موتزاريلا عملاقة، لينتهي العرض بتوزيع أطباق المعكرونة على الحاضرين.
لكن خلف الطابع الفكاهي، تحمل الجوائز رسالة أعمق: أن العلم ليس دائمًا جادًا أو صارمًا. بل يمكن أن يكون مساحة للمرح، للتجريب، ولطرح الأسئلة التي قد يراها الآخرون غير مهمة.
الباحث الكولومبي فرانسيسكو سانشيز، الذي شارك في دراسة الخفافيش، لخص الأمر بقوله: “العلماء ليسوا دائمًا جديين أو صارمين، يمكننا أن نستمتع ونقدم في الوقت نفسه علمًا مثيرًا”.
هكذا تواصل جوائز Ig Nobel المزج بين العبث والفكر، بين الضحك والتأمل، لتذكرنا أن الفضول البشري لا يعرف حدودًا. قد يبدأ الأمر بخطوط على بقرة أو بخفاش تناول ثمرة فاسدة، لكنه ينتهي دائمًا بفتح باب جديد أمام المعرفة.