حياة

طرق فعالة للتخلص نهائيًا من الأفكار السلبية

قد يبدو الخروج من دائرة التفكير السلبي مهمة صعبة، خاصة عندما نرتكب خطأ في العمل أو نتعرض لموقف محرج يجعلنا نلوم أنفسنا بشكل متكرر.

في تلك اللحظات، تدور في أذهاننا عبارات قاسية مثل: “أنا لست جيدًا بما يكفي”، أو “أنا أفشل في عملي”، أو “أنا مجرد محتال”.

هذه الأفكار ليست نادرة، بل شائعة جدًا، خصوصًا بين النساء وأفراد الفئات المهمشة الذين يعانون من ما يُعرف بـ”متلازمة المحتال”، أي الشعور بعدم استحقاق النجاح رغم وجود سجل واضح من الإنجازات.

لكن الخبر الجيد أن هناك وسائل عملية يمكن أن تساعدنا في وقف هذا الانحدار نحو السلبية وإعادة صياغة نظرتنا لأنفسنا.

العلاج السلوكي المعرفي: وسيلة فعالة

يُعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أحد أكثر الأساليب نجاحًا في مواجهة التفكير السلبي.

تقوم فكرته على تحديد الحوارات الداخلية السلبية، ثم تقييمها والتأكد من مدى دقتها. فإذا تبين أنها غير واقعية، يتم استبدالها بمنظور أكثر اتزانًا أو حتى إيجابية.

توضح جوديث بيك، رئيسة “معهد بيك للعلاج السلوكي المعرفي” في ولاية بنسلفانيا:

“ما نقوم به هو مساعدة الناس على التعرف إلى الأفكار السلبية التي تسيطر عليهم، ثم تعليمهم كيفية تقييمها بموضوعية. إذا كانت هذه الأفكار غير دقيقة، نناقش ما يمكن أن يكون أكثر واقعية”.

وفي محاولة لتطبيق هذا النهج مبكرًا، نظّمت مدارس راندولف العامة، قرب بوسطن، ورشة عمل لمساعدة الطلاب على إعادة صياغة مشاعرهم السلبية.

تقول ألفا سانفورد، رئيسة قسم التطوير والخدمات الطلابية: “نريد لطلابنا أن يكتسبوا قناعة راسخة بأنهم قادرون على القيام بمهامهم بثقة”.

لماذا نركز على السلبيات؟

من الطبيعي أن يتساءل البعض: لماذا يسهل علينا التركيز على السلبيات أكثر من الإيجابيات؟

الجواب يرتبط بجذور تطورية. فوفقًا لبيك، كان الإنسان الأول بحاجة إلى أن يكون في حالة يقظة دائمة تحسبًا للأخطار. هذا الميل إلى الاستعداد للأسوأ ساعد أسلافنا على البقاء.

لكن ما قد يكون نافعًا في الماضي، صار ضارًا اليوم. فالإفراط في التفكير السلبي يجعلنا نتجاهل النجاحات الصغيرة ونضخم الأخطاء البسيطة.

تقول كريستين دويل، مديرة “معهد ألبرت إليس” في نيويورك: “بإمكاننا أن نبني عقلية أكثر صحة عبر ممارسة المعتقدات الإيجابية وترديدها بقوة وتكرار”.

إعادة صياغة الفكرة: خطوة أولى

الخطوة الأولى للتغلب على التفكير السلبي هي التوقف عند الفكرة ومساءلتها: هل هي صحيحة فعلًا؟ ما الأدلة التي تدعمها؟

توضح دويل: “إخباري لنفسي أنني لست جيدًا بما يكفي سيقودني إلى سيناريو أسوأ يتحقق بنفسي. لذلك يجب أن أسأل: ما الذي يجعل شخصًا ما جيدًا بما يكفي؟ ولماذا لا أكون أنا ضمن هؤلاء؟”.

هذه الاستراتيجية ساعدت معلمة في نيويورك تدعى كاثرين ماسون. عندما طُلب منها إعادة النظر في خطة درس، اعتقدت داخليًا أنها معلمة سيئة.

وبسبب هذا التفكير، أعادت كتابة الدرس كله بدل إجراء تعديلات طفيفة. لكنها تعلمت لاحقًا أن تراجع أفكارها وتفصل بين النقد الموضوعي وأحكامها الذاتية.

تمارين عملية للتغلب على الشك

يلجأ بعض المعالجين إلى تمارين مبتكرة لتقليل قوة الأفكار السلبية. مثلًا، تطلب أفيغيل ليف، أخصائية نفسية في سان فرانسيسكو، من عملائها كتابة العبارات السلبية ثم قراءتها بالعكس أو عدّ كلماتها.

هذه الممارسات قد تبدو بسيطة لكنها تساعد على كسر قوة الفكرة المدمرة.

تجربة رينيه بيكر، مديرة إدارة المشاريع في شركة تصميم، تعكس ذلك بوضوح. أثناء دراستها للهندسة المعمارية، تعرضت لنقد قاسٍ ترك أثرًا سلبيًا على ثقتها بنفسها.

لكن مع مرور الوقت، وبمساعدة العلاج، تعلمت أن تستبدل هذه الأفكار السلبية بمعتقدات أكثر واقعية، وبدأت تتحدث بثقة أكبر في عملها.

العبارات البديلة: قوة الكلمة

إيجاد بدائل للأفكار السلبية لا يعني تجاهل الواقع، بل البحث عن زوايا أكثر إنصافًا.

فإذا كان أحدهم يردد في ذهنه: “لا يقدّرون عملي”، عليه أن يتذكر المرات التي قوبل فيها عمله بالتقدير أو الإشادة.

كذلك، يمكن أن نعيد صياغة نظرتنا إلى الآخرين.

على سبيل المثال، عندما يشتكي معلم من أن أحد الطلاب “يتلاعب”، يمكن إعادة تفسير الأمر على أنه “يستخدم مهارات البقاء”.

أما كريستين برينك، نائبة مدير مدرسة، فتعلمت أن تواجه أفكارها السلبية بعبارات جاهزة مثل: “لقد اتخذت قرارات جيدة اليوم”، أو “غدًا سأحاول بطريقة أفضل”.

وتضيف: “وجود عبارات محفزة جاهزة يساعدني كثيرًا على كسر دائرة التفكير السلبي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى